س: حبذا لو تحدثنا قليلاً عن الكتاتيب الدينية في كردستان عموماً ؟
المدارس كانت كثيرة حينئذ، وكانت تحت ضغط من الحكومة الكمالية في كردستان الشمالية، مثل مدرسة نورشين شمال بدليس، ومدرسة ذوقيد ومدرسة خزنة، وفي بلدة عامودا مدرسة تبلق ومدرسة تل ايلون، وفي كردستان الجنوبية، كانت مدارس كثيرة في زاخو كمدرسة ملا أحمد المشهور.
وفي دهوك مدرسة ملا محمد، ومدرسة مراد خان في العمادية وكانت أغلب قرى كردستان فيها، مدارس تدرس فيها العلوم الإسلامية والفلسفية .
وكانت لجميع هذه المدارس أوقاف وواردات منتظمة يصرف ريعها على الطلاب والمدرسين، وكان للعلماء احترام كبير، ونفوذ قوي عند الأمراء والزعماء، وبين الكرد عامة، كان لزاماً على الطالب لكي يحمل لقب (العالم) أو - ملا - أن يتضلع في اثني عشر علماً وهذه العلوم هي:
علم النحو والصرف والبيان والبديع والمعاني والآداب والمنطق والكلام والهيئة وأصول الفقه والتفسير والحديث، وكثير منهم كانوا متضلعين في علم الحساب والهندسة والفلسفة والحكمة والإسطرلاب والنجوم والطب وغيرها من العلوم، وكان الطالب الذي يتضلع في العلوم الإثني عشر يستحق شهادة الإجازة العالمية.. فكانت هذه الإجازة تضاهي بكثير وكثير..شهادة الدكتوراه في زماننا .
س: لقد مارستَ مهنة التعليم في مثل هذه الكتاتيب حبذا لو تستعرض لنا ذكريات هذه المهنة في كردستان ؟
التعليم والتعّلم في جميع أجزاء كردستان، كان يبتدئ أولاً: بتعليم القرآن الكريم وثانياً: بمبادئ علم الصرف، والذي يبحث عن جوهر الكلمة مثل كتاب العزي، وشرح العزي، باللغة الكردية، والمقصود في علم الصرف، ثم بمبادئ النحو مثل عوامل الجرجاني، وشرحه باللغة الكردية، وكتاب الظروف باللغة الكردية، وشرح العوامل للجرجاني باللغة العربية المسماة بسعد الله الصغير، ثم بقراءة شرح المغني للجار به ردي ثم بشرح العزي باللغة العربية المسمى بسعديني ..
ثم قراءة حل المعاقد ثم بشرح الأنموذج المسمى بسعد الله الكورا، ثم بشرح نتائج الأفكار شرح إظهار البركوى، ثم بشرح مولانا الجامي على كافية ابن الحاجب، ثم بشرح الإيساغوجي المسمى بالسمكاتي في المنطق مع حاشية محي الدين عليه، ثم الفناري على الإيساغوجي وحاشية القول أحمد.
ثم بشرح السمرقندي في علم الوضع، ثم بشرح عصام على السمرقندي في علم البيان مع حاشية حسن زيباري، ثم كتاب الولدية مع شرحه في آداب المناظرة، ثم شرح الحنفي مع حاشية مير أبي الفتح .
ثم بشرح المسعودي، وحاشية ألوغ بك في علم المناظرة، ثم حاشية عبد الغفور اللاري على مولانا الجامي في النحو، ثم شرح الشمسية في المنطق، ثم أحد شرحي التفتزاني على متن التلخيص المختصر، والمطول في علم البلاغة والبيان والبديع، ثم العقائد للتفتزاني.
ثم شرح المحلي على جمع الجوامع في الأصول، وفي أثناء ذلك كتب الفقه مع شرح ابن قاسم على متن غاية أبي شجاع، وفتح المعين ومتن منهاج النووي، والأنوار للأردبيلي، وفتح الوهاب على المنهج لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وبعد ذلك تفسير القاضي أو الجلالين، ثم يعطي الأستاذ الإجازة للتلميذ ليدرّس الطلبة، بهذا الترتيب كانت مدارس الكردية، في التعليم والتعلم .(1)