أهـلاً بفِطْـرٍ قـد أضاء هـلالُــه *** فـالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّـرِ
وانظـرْ إليـه كزورقٍ من فِضَّــةٍ *** قـد أثقلـتْـهُ حمـولـةٌ من عَنـْبَـرِ
الحمد لله كثيراً والله اكبر كبيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا...
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله اكبر الله اكبر ولله الحمد..
الحمد لله عدد ذرات الرمال..
الحمد لله عدد قطرات البحار وورق الأشجار وقطر الأمطار.
أشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله النبي المختار ، صلى الله عليه وعلى آله المهاجرين والأنصار.
الله اكبر الله اكبر الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا ..
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وبفضله تحصل الدرجات ، وبكرمه تبدل الخطيئات , الحمد لله على تمام الشهر وكمال الفضل , بالأمس أيها المؤمنون استقبلنا رمضان بشوق ، واليوم يفرح المؤمنون بعيد الفطر المبارك ، فالحمد لله الذي أتم علينا نعمة الصيام والقيام ..
هذا هو العيد فلتصفُ النفوس به *** وبذلك الخير فيه خير ما صنعا
اليوم يوم جميل ..
فالناس تجملوا فيه بأحسن الثياب ، وظهروا فيه بأبهى الصور ، وترقرق فيه نبع صفاء الأرواح ..
كأني بكم في هذا الصباح الجميل !
ومع هذا النسيم العليل !!
ونحن نرمق شعاع شمسنا الوضاءة في هذا الصباح البليل !
ونحن في هذا الجمع المهول !
ينبغي أن نهمس لأنفسنا همسة صدق !
هل نجمل أرواحنا مع جمال ملابسنا !!!!
نعم .. أعتقد أننا بعد مدرسة رمضان ، أننا خلصنا بنتيجة من نتائج رمضان ، وهي صفاء الأرواح ونقاءها ..
يا كرام ..
لا تجتمع حلاوة العيد عندما نجمل الألباس ونزيـِّف الأرواح !
بشائر العيد تترا غنية الصور *** وطابع البشر يكسو أوجه البشر وموكب العيد يدنو صاخباً طرباً *** في عين وامقة أو قلب منتظر
هيا نجمل أرواحنا يا أهل البر والخير !
هيا بنا نفشي السلام على من نعرف ومن لا نعرف ..
هبا بنا نمسح ما علق في القلوب من حسد أو غل أو غيظ !
هيا بنا نزرع البسمة على الكبير والصغير ، والمريض واليتيم ، والفقير والمسكين ، والمعاق والمسجون !
هيا بنا لنصل من قطعنا ، ونعفو عن من ظلمنا ، ونسلم على من هجرنا !
هيا بنا نجمل الأرواح مع جمال الثياب ...
العيد أقبل مـزهوًا بطلعته *** كأنه فارس في حلة رفـلا
والمسلمون أشاعوا فيه فرحتهم *** فأشيعوا التحايا فيه والقبلا
إن راحة وصفاء قلوبنا تتطلب منا أن نبتعد عن أقوال السوء والظن السيئ بالآخرين ..
إن سلامة الصدور وراحة البال والنفس تتطلب منا المبادرة لتنقية القلوب من الشحناء التي تتصدع منها الأسر والمجتمعات ..
كان عليه الصلاة والسلام جالسا ذات يوم مع نفر من أصحابه ..
فقال لهم:
(يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة)!
فترقب الصحابة ظهور هذا الرجل الذي حباه الله تعالى بأن جعله من أهل جنته ونعيمه !
فطلع رجل من الأنصار تقطر لحيته من الوضوء !
وكان من بين الحاضرين عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، تطلعت نفسه لأن يعرف سر هذا الرجل!
فتحيل عليه بحيلة حتى أذن له الرجل بأن يبيت عنده ثلاثة أيام ، فاستغل عبد الله هذه المدة ليعرف ما يقوم به هذا الرجل من أعمال وقربات وطاعات ..
فلم يره كثير الصلاة بالليل، ولا كثير الصيام ..
فسأله عن العمل الذي جعله من أهل الجنة!
فقال الرجل:
ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا، ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه...
فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق أي لا نستطيع.
أفرأيتم إخوتي كيف سمت بهذا الرجل صفاء قلبه وتسامحه حتى بشر بالجنة؟
------------
يا موحدون ..
إنني أدعوكم إلى سر من أسرار السعادة في الحياة ! فاطلبوا ذلك لتسعدوا ..
دواعي الحياة المختلفة تجعل الإنسان دائما في دوامة وعراك مستمر ، والإنسان يجاهد بكل ما يملك لكي يرتقي أويدفع ، وقد يحطم الإنسان نفسه بسبب ضغوطات الحياة ، أو يعايش الإحباط ويستنشق مرارة الفشل ..
قد تقعُ النفس فيما تقَع فيه من ألمٍ ، وقد يطغى صوت البكاء وداعي الحزن وترجحُ كفّة الاكتئاب والقلق، إلا أن هذا السر يطفئ مرارة الضيق.. وينير ظلمة الطريق.. ويشق الصخر والجليد..
إنــه التفاؤل ..
التفـــاؤل يولد الأمــل
و الأمـــل يولد العمــل
و العمــل يولد النجــاح
لنصنع التفاؤل حتى يضيء لنا بريق الأمل لكي نتمتع بالعمل ونصنع قصص النجاح !
تفاءل لكي تشعر بالرضا والثقة بالنفس!
تفاءل لكي تسيطر على مشاعرك وأفكارك السلبية !
التفاؤل يضيء النفوس ، وينير الدروب مهما تعقدت الحياة وضاقت السبل ..
التفاؤل هو وقود الروح الذي يمده بحالة إيجابية تجعل صاحبها يرى الفرص المتاحة ، بدلا من الفرص الضائعة ، وينظر إلى ما يملكه بدل أن ينظر إلى ما خسره.
التفاؤل بذرة الحياة الأولى وقد ثبت أن النظرة المتفائلة للأمور تحفز العقل الواعي إلى الاحتفاظ بقوته ، وتحفز العقل الواعي على العمل, فمن أراد الخير فلابد أن يسلك الطريق إليه.
السعيد هو الذي ينسج أفكاره !!
فإذا كان متفائلاً أصبح ناجحاً وأفكاره كلها إيجابية!!
وإذا كان متشائماً فقد يفشل ، وحينئذٍ لا يجيد التكيف مع الأوضاع الجديدة لأن موقفه سلبي يعميه عن رؤية الحلول الممكنة !
والمتفائل أكثر سعادة ، وأوفر صحة ، وأقدر على إيجاد حلول للمشاكل إذ يواجهها بالقول ( سوف أتمكن من معالجة هذه المسألة أو هذا التحدي ).
إن الإصرار على التفاؤل يصنع الذي كان مستحيلاً ، فحينما نتفاءل بتحسن أوضاع المجتمع وأوضاع الأسر وعلاقاتها ، فإننا سنصنع يوما جوا حميما من الألفة والمحبة !
رزقني الله وإياكم تفاؤلاً إيجابياً يثمر عملاً، ويرفع خور النفوس وعجزها..
قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد
رب الأسرة الناجح هو الذي ينتشر داخل مجتمعه الأسري عبير الهدوء، وعطر الاستقرار، وعبق الأمان وخلق الرفق ، ونبع الحب ..
الأضواء الدافئة الهادئة هي التي تضفي للأسرة معاني راقية في تجاوز العقبات والمشاكل الأسرية
* لا تدعوا الهموم التي تنمو خارج أسوار البيت تتسرب إلى داخل الأسرة، فتتراكم على الهموم الداخلية لتشكل معاً معول الهدم في كيان أسرتك التي تريدها أن تحيا سعيدة، رغيدة، هانئة.
* إذا أردت أن يكنّ لك كل أفراد الأسرة حباً واحتراماً حقيقيا، فلا تفرض آراءك على زوجتك وأولادك، ولا تشعرهم بأنك تتمتع بقوامة خاصة على شؤونهم، بحيث يشعرون بالتصاغر، والتخاذل أمامك.
* لا ترفع صراخك بالشتم والصياح عند حصول المشكلة أو المصيبة ..
* الكلمات البذيئة، والشتائم الحمقاء، لا تدعوها تعكر صفو الجو العائلي ..
* اهجروا العبوس ، ودعوا الابتسامة تتراقص على الشفتين، ودعوا الكلمات الحلوة العذبة تغمركم جميعا داخل الأسرة ..
يا أهلنا .. يا إخواننا .. يا أحبابنا ..
اصنعوا جمال العيد في أسركم ومجتمعاتكم ، ولنحسن للناس بأخلاقنا وتعاملنا ( فالإحسان إلى الناس من أعظم أسباب السعادة وأسرارها، ولهذا أمر الله سبحانه وتعالى به، وأمر به النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال عليه الصلاة والسلام: « إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ » وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا». رواه البخاري وصحيح مسلم.
وقال بعض السلف: إنه لتكون بيني وبين الرجل خصومة، فيلقاني فيسلم علي؛ فيلين له قلبي.
حاولوا أن تخففوا النكبات عن الآخرين ، وأن تدعو لهم، ولا تزدروا أو تحتقروا الكلمة التي يمكن أن تقولها لمكلوم أو مكروب أو مصاب ؛ فإن الكلمة الطيبة صدقة، قال صلى الله عليه وسلم: « السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ كَالَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ ». كذلك طلاقة الوجه والبِشر والعفوية، والتماس العذر للناس ، فإن أعقل الناس أعذرهم للناس ، فلا تبحث عن سلبيات الآخرين، واتهم نفسك قبل أن تتهم غيرك، (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) ، أعط من حرمك، واعف عمن ظلمك، وصل من قطعك، وابذل نَداك، وكُفَّ أذاك، وتعاهد من وصلته بمعروف الأمس بمعروف اليوم. ) *
• سلمان العودة ..